سنتناول في هذا المقال المهم العلاقة بين العلم والابداع وكيف أن الابداع والابتكار هما شريان الحياة بالنسبة للعلم وضمان استمراره وتطوره.
علاقة العلم والابداع :
وعلينا أن ندرك أهمية الإبداع فحينما يتوقف الإبداع والابتكار، سيتوقف العلم عند آخر نقطه وصل إليها الإبداع والابتكار. فإن العلم يعتمد على التجديد والمواصلة والاستمرارية وهذه هي أدوار التفكير الإبداعي والابتكاري. فإن الإبداع بالنسبة للعلم مثل التنفس للإنسان فحينما يتوقف الإنسان عن التنفس سيموت، وكذلك إذا توقف الإبداع والابتكار سيموت العلم أو على الأقل يمرض لعدم حيويته ونشاطه (العلوم المادية).
إن المجتمعات تنهض على أكتاف مبدعيها ومفكريها لأن الإبداع والابتكار يقوم على إنشاء الأشياء على غير سابقتها المتعارف عليها.
وحيث وجد العلم علماء ومبدعين ومبتكرين لا يتوقفون عن البحث والتنقيب عن كل ما هو جديد، ولديهم قلوب تنبض بالحياة، سيظل العلم حي متجدد ينبض بالحياة أيضًا كقلب صاحبه.
وعندما يكون الابتكار في المجالات الفنية والفكرية والأدبية واللغوية نطلق عليه لفظ الإبداع. أما عندما يكون في المجالات العلمية والمادية والتكنولوجية فنطلق عليه لفظ الاختراع.
انواع الابداع
ولذلك فإن الإبداع والابتكار معنى واسع لكل ما هو جديد: فنقول على النحات والرسام والفنان والموسيقار والشاعر والمؤلف والممثل “مبدعًا” لأنه يقدم أشياء جديدة وفي صورة جديدة مبدعة ومبهرة، وإن كانت على شكل سابقتها يسمى “مقلدًا”.
ونقول: على من يقدم ما هو جديد في العلوم والمجالات المادية والتكنولوجية من أجهزة جديدة وآلات حديثة “مخترعًا”.
ومن يتوصل إلى إيجاد أشياء جديدة في عالمنا سواء داخل نطاق الكرة الأرضية أو خارجها نقول عليه”مكتشفًا”.
ومن يتوصل إلى أفكار جديدة في العلوم والمعارف المختلفة، فيصل إلى نظريات حديثة أو تفسيرات جديدة نسمية “مفكرًا أو عالمًا أو محدثًا أو مجددًا “.
وأيًا كانت هذه هي المسميات والمخرجات، فالشيء المشترك بينهم إن هذه الأفكار تتسم بالحداثة والأصالة والتجديد، فيكون الشخص هو الأصل في طرح الفكرة والوصول إليها، فلا يكون فيها تقليدًا لغيره أو تكرارًا لمثيلتها، فتكون الأفكار حديثة في طرحها جديدة في مضمونها ملهمة في معانيها، فتتسم بالأصالة والحداثة والتجديد.
“إذا فعلنا كل الأشياء التي نحن قادرون على فعلها لأذهلنا أنفسنا” إديسون.
يقول آينشتاين “ليس لي موهبه خاصة أنا فقط فضولي، متحمس، محب للتعلم باستمرار”
العلم والابداع في اكتشاف المَلَكة:
إن الإنسان سيظل يبحث عن ذاته وعن اختلافه وتميزه عن الآخرين، ولعل أهم شيء يميز الإنسان عن غيره هي(ملكته الخاصة به ). فإن كل إنسان له ملكته الخاصة تختلف عن غيره وهي أشبه بالبصمة التي تميز شخصًا عن آخر، إن الإنسان لن يهدأ له بال حتى يتعرف على ملكته ويكتشف موهبته، ثم ينميها ويطورها ويمدها بمصدر حياتها وهو خروج هذه الملكة والموهبة إلى النور.
“ومن المناسب هنا أن نذكر أن خاصية البحث ليست من سمات الإنسان وحده، بل خاصية مشتركة بين كل الكائنات الحية ،فالنبات يبحث عن الضوء ويميل تجاه الشمس، حتى الميكروب الذي يصيب الإنسان يبحث عن الغذاء، الفيروس أيضًا يبحث عن الغذاء داخل الخليه. والحال.. أننا كلنا نبحث، النبات والميكروب.. والإنسان!”.
وان الملكة هي عصارة المهارات والقدرات والمواهب التي وهبها الله للإنسان وميزه بها عن غيره، وهذا يثبت للإنسان انه مختلف عن غيره، فلا يسعى للتقليد اي لا يسعى لمحاولة تقليد الآخرين فهذا ظلم لنفسه ولملكته وموهبته. ولكن عليه ان يكتشف قدراته وملكته وينميها، بدلا من ان يكون نسخه مشابهه من غيره، وهذه الطريقة اسهل ونجاحه عبرها سيكون اعلى واعظم، وبدون ذلك سيعيش الإنسان في سراب فلا هو أصبح مثل غيره ولا استفاد بملكته وقدراته.
“افتح الباب الذي اغلقته على نفسك وما ان تلاحظ ان ملكتك وموهبتك وطاقاتك أرادت الخروج، افسح لها المجال حتى تنطلق إلى الأمام، وانت تنظر وتراقب بكل فخر وسعادة”.
“المعرفة وحدها لا تكفي يلزمها التطبيق، الإرادة وحدها لا تكفي يلزمها الفعل” جوته.
إذن لا تدع مهاراتك وقدراتك وموهبتك حبيسة أدراجها، فإن المهارات والقدرات تقوى بثقلها والعمل بها مثل الجوهرة تثقل وتقوى بالاحتكاك.
أهمية اكتشاف الإنسان ملكته:
إن الشباب الذين يقضون الساعات الطوال في اليوم أمام لعبة على الإنترنت أو أمام مواقع التواصل الإجتماعي أو المواقع الترفيهية لو أن لديهم ما يجذبهم من إبداع وموهبة مفيدة لانشغلوا بها وكانت عادت عليهم بالنفع والفائدة.
وفي الجهة المقابلة إن الشخص الذي يقضي وقتًا كبيرًا من يومه في معمله يبحث عن الأدوية ويقوم بالأبحاث والدراسات، أو الذي استهوته برمجيات الحاسب أو الذي استهوته إحدى العلوم والمعارف فيقضي أغلب وقته في القراءة أو الاطلاع، فإنه يشعر بالمتعة مثل غيره من الجانب الآخر الذين يقضون خمس ساعات أو ست أو ثمان أو أكثر من ذلك أمام هواتفهم، وربما زاد عليهم أهم شيء وهي السعادة والرضا والفخر من كل إنجاز يحققه أو تقدم يصل إليه، أما الآخر فلا ينفك أن يشعر بالتيه والضياع والإحباط فهو مثل الذي يسير ويتحرك ويجد نفسه في نفس المكان الذي كان فيه، فأقل شيء يشعره بالإحباط لأنه ما زال في مكانه قبل أن يبدأ السير والتحرك.
وهنا تكمن أهمية اكتشاف الشخص ما يحبه ويستهويه فيستمتع به كما لا يستمتع بغيره، ثم ينشغل بعمله وفق خطة موضوعة مسبقًا فيشعر بالسعادة والبهجة مع كل خطوة يخطوها إلى الأمام.
مقالات ذات صلة عن الابداع والابتكار
الفرق بين الابداع والابتكار
كيف تربي طفلا عبقريا
الإبداع والابتكار في التعليم