سنقوم في هذا المقال المهم بشرح تفصيلي ل تعريف الفلسفة الإسلامية وماهي علاقة الفلسفة الاسلامية بعلم الكلام والتصوف. وسنحاول اعطاء القارئ اجابة وافية ومبسطة عن اوجه الاختلاف بين علماء الكلام والمتصوفة والفلاسفة الإسلاميين وهل كان بالغعل امتزاج في فترة زمنية بين هذه الفنون من العلم ام لا
تعريف الفلسفة الإسلامية
في البداية سنقوم بتوضيح مفهوم وتعريف الفلسفة بصفة عامة في اللغة ثم بعد ذلك سنقوم بشرح تفصيلي لتعريف الفلسفة الإسلامية.
مفهوم وتعريف الفلسفة في اللُّغة:
يعود أصل كلمة فلسفة في اللغة لكلمتين يونانيّتين هما (فيلوسوفيا) واذا نظرنا لمعنى هاتين الكلمتين نجد أن كلمة فيلو تعني: حُبّ، وسوفيا: تعني الحِكمة؛ أي إنّ الفلسفة معناها هو حُبّ الحِكمة، او محبة الحكمة وباللغة الانجليزية (philo – shophy) اي (Philosophy) وينسب جزء كبير من المؤرّخين هذا الاصطلاح إلى عالم الرياضيات فيثاغورس، الذي كان اول من أطلق على نفسه لقب فيلسوف.
والبعض يقول ان سقراط هو من وصف نفسه بالفيلسوف حتى يميز نفسه عن السّوفسطائيين الذين كانوا يدّعون الحِكمة في هذه الفترة. ولكنهم كانو ابعد عن الناس عنها لذلك كان يطلق على افكارهم السفسطة اي اي كلام دون دليل. وكان هؤلاء الناس يقومون بتغيير مفاهيم وحقائق الاشياء وذلك كله من اجل تغليب وجهات نظرهم وكان لديهم من البراعة ما مكنهم من نشر اقوالهم، لبراعتهم في الاقناع حتى لو بالخطأ. وكانوا يقولون مايريدون اثباته دون اي دليل او علاقة بالعلم. فإعتمدوا على نشر افكارهم عبر تحريف المفاهيم.
ومن هنا كانت كلمة وعلم الفلسفة هو النقيض ل (السفسطة) فأصبحت الفلسفة هي التي تبحث عن الحقيقة والمعرفة. كما يرى اخرون أنّ مُصطلح فلسفة يعودُ إلى أفلاطون.
تعريف الفلسفة الإسلامية لغة واصطلاحاً
تعريف الفلسفة عند فلاسفة الإسلام:
يوجد الكثير من الفلاسفة في تاريخ الإسلامي الذين استندوا على ان الفلسفة هي الحكمة لذلك كان يستخدم الكثير من الفلاسفة في الاسلام كلمة حكمة كمرادف لكلمة فلسفة. ومن اشهر الفلاسفة المسلمين الكندي، والفارابي، وابن سينا، وابن مسكويه، وابن خلدون وابن الهيثم، والغزالي، وابن باجة، وابن طفيل، وابن رشد، وابن عربي.
تعريف الفلسفة الاسلامية عند الكندي
. 1-الكندي ( من سنة 805- حتى 873):
تعريف الفلسفة لدي الكندي الفلسفة هي: علم الأشياء بحقائقها الكليّة؛ حيث يري الكندي ويُؤكّد على أنّ الكُليّة والشمول هي إحدى خصائص الفلسفة الجوهريّة التي تُميّزها عن غيرها من العلوم الإنسانيّة التي تهتم وتقوم على التخصص وترى الاشياء بجزئياتها ام الفلسفة فتراها بصورتها العامة والكلية.
الكندي: هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق الكندي، يطلق عليه لقب فيلسوف العرب كما لُقّب ايضا بالمعلم الأول. وقد توفي سنة 260 هجرية.
2- مفهوم وتعريف الفلسفة عن الفارابي:
يُعرّفها الفارابي بأنّها: (العلم بالموجودات)، ويكمل ابن رُشد أنّ التّفكير في الموجودات يكون على اعتبار أنّها مصنوعات ( من عند الخالق)، وكلّما كانت المعرفة بالمصنوعات أتمّ ( المخلوقات وعلى رأسها الانسان) كانت المعرفة بالصّانع أتمّ)،
الفارابي: يطلق عليه المعلم الثاني، وقد توفي سنة 339 للهجرة.
3- الرازي: لاقت افكار الرازي اعتراضا كبيرا بسبب تأثره بتطبيق اكثر للمنهج العقلي، كما انه رفض إقحام الدين في شأن المعرفة الإنسانيّة وفصله عن الفلسفة، مما جعل بعض من علماء الدين يكفرون الرازي.
تعريف الفلسفة الاسلامية pdf
تعريف المعجم الوسيط ان الفلسفة: هي دراسة المبادئ الأولى وتفسير المعرفة تفسيرا عقليا وكانت تشمل العلوم جميعا، ثم اقتصرت في هذا العصر على المنطق والأخلاق وعلم الجمال وما وراء الطبيعة وعلم الأخلاق (المعجم الوسيط , ج2 , ص700) .
تعريف الفلسفة الإسلامية:
يُستخدم مصطلح الفلسفة الإسلامية للتعبير عن الأفكار الفلسفيّة المبنية على النصوص الدينيّة في الإسلام حول الكون وطبيعة الخلق والحياة.
كما يمكن وصفها ايضا بصورة اشمل لتتسع الى جميع التصورات الفلسفية والأعمال الفكرية التي أُنتجت في ظل الثقافة الإسلامية والحضارة العربية دون ربطها بالعلوم الشرعيّة.
نشأة الفلسفة الإسلامية
الفلسفة الإسلامية هي البحث في الكون والموجودات والإنسان في ضوء تعاليم الدين التي وجدت مع ظهور الإسلام.
وبهذا نكون تناولنا بشئ من التفصيل مفهوم الفلسفة لغة واصطلاحاً في الإسلام
تعريف الفلسفة الاسلامية وعوامل نشاتها
بداية الفسلفة في الإسلام:
لم يعرف المسلمون الفلسفة إلا بعد نقل العلوم اليونانيّة القديمة وترجمتها إلى العربية بعد توسع الحضارة الإسلامية ودراسة الكثيرين للفكر اليوناني القديم.
وكانت كلمة “الحكمة” هي المرادف للفسلفة عند المفكرين المسلمين.
ولكن لم يبقى هذا الحال طويلا حيث مع ظهور علوم اخرى تداخلت مع الفلسفة حتى ان البعض جنح ان اعتبر الفلسفة وهذه العلوم علما واحدا كعلم الكلام او التصوف وايضا تداخلها مع الفقه وعلوم اللغة.
الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام
البعض اعتبر ان ظهور علم الكلام في العصر العباسي هو البذرة الأولى لظهور الفلسفة الإسلامية كما ذهب البعض الى اعتبار ان الفلسفة هي تقابل عند المسلمين علم الكلام او ان الفلسفة الإسلامية هي علم الكلام عند المسلمين
والبعض يرى ان الفلسفة وعلم الكلام التقيا فترة من الزمن ثم انفصلا واصبح كل منهما علم مستقل بذاته له فنونه وعلمائه ومفكريه
أم أنَّ الفلسفة وعلم الكلام كل منهم علم منفضل مستقل بذاته ؟ أم أن علم الكلام فرع من فروع الفلسفة.
لذلك هيا بنا لنوضح هذه النقطة اكثر
ما هو الفرق بين الفلسفة وعلم الكلام
تعريف الفلسفة هي البحث في الكون والإنسان.
تعريف علم الكلام: هو تعضيد العقائد الدينية بالحجج العقلية.
ماهي اهم واشهر اراء المفكرين عن ارتباط الفلسفة الإسلامية بمعنى علم الكلام:
الرأي الأول:
يرى بارتباط تعريف الفلسفة الإسلامية ب علم الكلام
1- البعض يرى الفلسفة الإسلامية بمعنى علم الكلام
هذا الرأي يرى أن الفلسفة نشأت من حاجة الإسلام والجدل الديني الذي ظهر في فترة زمنية معينة خاصة فترة فتنة خلق القرآن وظهور علم الكلام
لأن الفلسفة اهتمَّت في أساسها إمَّا بتوطيد دعائم العقيدة الإسلامية، أو التماس أساس فلسفي لها على الأقل لتحقيق قدر كافي من الإقناع أو تنمية ودعم الأفكار الدينية الكلامية. وهذا رأي الكثير من المؤرِّخين.
الرأي الثاني: عدم الإرتباط بين علم الكلام والفلسفة الإسلامية
أولًا:لأن علم الكلام كما تبيَّن أساسه ديني، فهو علم ديني، يهتم ب تعضيد العقائد الدينية بالحجج العقلية.
ويُقابله في ذلك العصر في أوروبا علم اللاهوت، أو الأثولوجيا في المسيحية مع الفرق الواضح بالتأكيد بين علم الكلام كعلم اسلامي وبين علم اللاهوت المسيحي.
ثانيا: منهج الفلسفة فهو البرهان العقلي بحسب القدماء من الإسلاميين واليونانيين،
وأمَّا منهج الكلام فهو الجدل.
ثالثا:
أ-موضوع الفلسفة فهو الكون والإنسان، والنظر في مبادئ الوجود وأسبابه، كما يصل الفيلسوف احيانا ايضا في تفكيره إلى إثبات وجود سبب وصانع هذا الكون وهو الله او كما قال أرسطو وسمَّى الله المحرِّك الذي لا يتحرَّك.
او ربما نجد بعض الفلاسفة يطرح فكرة يذهب في تفكيرهم إنكار وجود الله من الأساس كالماديين، والقول بأن المادة قديمة وهي أصل ذاتها،
ب- ولكن موضوع علم الكلام أساسًا هو الله وصفاته، وصلة الله بهذا الكون.
رابعا:
أ- يتخذ علماء الكلام المسلمين من العقيدة الإسلامية كما وردت في كتاب الله وهو القرآن، امورا ثابتة لا شك فيها، مثل وجود الله، ووحدانيته، وصفاته واسمائه والبعث في اليوم الآخر، ثم محاولة إثبات ذلك كله بالحجة العقلية.
ب- اما الفيلسوف يقتحم ميدان الفكر حرًّا من كل رأي سابق،
لذلك اصحاب علم الكلام يدخلون هذا الميدان مقيَّدًا بعقيدة سابقة وهي العقيدة الإسلامية لا يستطيع عنها حولًا، وإن استطاع أن يُؤوِّلها تأويلًا.
خامسا:
1-الفلسفة اصطلاح يوناني خالص دخيل على اللسان العربي، أُجرِيَ في هذه اللغة كما هو.
وهذا ما أكد عليه الفلاسفة المسلمين انفسهم مثل الفارابي على ذلك فقال: «اسم الفلسفة يوناني وهو دخيل في العربية، وهو على مذهب لسانهم فيلسوفيا، ومعناه إيثار الحكمة. وهذا ما ذكرناه في صدر هذا المقال.
2- أمَّا “الكلام” فهو بالتأكيد علم إسلامي أصيل نشأ في أرجح الأقوال من الجدل الثي اثير في الفتنة التي دارت حول القرآن، وهو كلام الله، أقديم هو أم مخلوق؟ وهي المسألة التي شغلت المسلمين جميعا فترةً طويلةً من الزمان في صدر الدولة العباسية.
ثالثا: الصراع بين الفلاسفة والمتكلمين
وأكثر من ذلك كانت هناك منازعات بين الفلاسفة وبين المتكلمين، ووصف الفلاسفة آراء المتكلِّمين بالضعف والتهافت، وألَّفوا في ذلك رسائل. مثل كتاب الغزالي «تهافت الفلاسفة.» الذي يهاجم فيه افكار الفلاسفة.
وفي الجهة الأخرى نجد ان الطرف الآخر هو ايضا يرد عن الفلسفة والفلاسفة هذا الاتهام مثل ابن رشد الفيلسوف في كتابه: «تهافت التهافت.»
رابعا: وجود طائفة مستقلة من الفلاسفة الكبار مثل الكندي والفارابي وابن سينا وابن طفيل وابن رشد، غير طائفة أخرى عرفت بالمتكلِّمين.
وهذا يؤكد الرأي الذي يقول بأن الفلسفة الإسلامية كانت لونًا من الدراسة يختلف عن علم الكلام، إن لم يتعارض معه في الكثير من النقاط.
اختلاط بين الفلسفة وعلم الكلام
هل حدث اختلاط بين الفلسفة وعلم الكلام
نعم بعد القرن السادس الهجري اختلطت الفلسفة بالكلام، إلى الحد الذي ابتلع هذا علم الكلام الفلسفة ابتلاعًا واحتواها في كتبه.
واستمر هذا الحال فترة طويلة من الزمن أصبح المسلمون يخشَون الخوض في الفكر الفلسفي والفلسفة لما وُجِّه إليها من اتهامات تصفها بالكفر والإلحاد، فانصرف الناس عنها، وأضحى الاشتغال بها والنظر فيها وتدريسها ممَّا يحرم، وظل الحال على هذا المنوال حتى القرن السابق، إلى أن ظهرت الفلسفة مرةُ أخرى إلى الوجود، ودبَّت فيها الحياة بفضل مفكريين كبار مثل جمال الدين الأفغاني والإمام الشيخ محمد عبده والدكتور مصطفى عبد الرازق. وهكذا انفصلت الفلسفة الإسلامية مرةً أخرى عن علم الكلام كسابق عهدها في الدولة العباسية.
الفلسفة والتصوُّف:
وبعد ان تناولنا العلاقة التاريخية والفكرية بين الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام.
لا يمكن ان نغض الطرف ايضا عن علاقة الفلسفة الإسلامية وعلم التصوف وهل هما ايضا كانا علما واحدا ام لا.
ان الفرق بين الفلسفة الاسلامية والتصوف اوضح بكثير عن تشابك الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام
فأذا كانت الفلسفة تنظر بعين العقل وتجري على طريق الاستدلال والمنطق.
فإن التصوُّف يسلك طريق المجاهدة والمشاهدة، ويتكلَّم بلسان الذوق والحال؛ فالفلاسفة أصحاب براهين، والمتصوُّفة أرباب أذواق ومواجيد.
وموضوع الفلسفة البحث والنظر في الكون والموجودات والصانع ودراسة الطبيعة وما وراء الطبيعة، ومن خلال هذه الحقائق والوصول اليها نصل الى معرفة الله تعالى.
أما الفهم من خلال التصوُّف هو معرفة الله من خلال العبادة الشرعية أو الإلهام والصفاء الروحي.
وهذا لا ينفي تأثُّر التصوُّف بالفلسفة، مثلما حدث لعلم الكلام، حين ابتلع في جوفه مذاهب الفلاسفة.
وان الفرق يتضح ايضا في كلام الغزالي في “المنقذ من الضلال” حينما يُصوِّر تقلُّبه بين هذه الفنون من العلوم
“أما بعد، فقد سألتني أيها الأخ في الدين أن أبث إليك غاية العلوم وأسرارها، وغائلة المذاهب وأغوارها، وأحكي لك ما قاسيته في استخلاص الحق من بين اضطراب الفرق مع تباين المسالك والطرق … وما استفدته أولًا من علم الكلام؛ وما اجتويته ثانيًا من طرق أهل التعليم القاصرين لدرك الحق على تقليد الإمام، وما ازدريته ثالثًا من طرق التفلسف، وما ارتضيته آخرًا من طريقة التصوُّف.”
الاختلاف بين علماء الكلام والمتصوفة والفلاسفة الإسلاميين:
فإن علماء الكلام لا يقبلون طريق التصوُّف، ولا يعترفون بالإلهام وهو أساس المعرفة عند الصوفية.
بل يأخذون بالحواس السليمة والخبر الصادق والعقل، وبذلك يُميِّزون بين أنفسهم وبين المتصوِّفة.
أمَّا الفلاسفة فكان لهم ايضا رأي آخر
فهم لا يوافقون المتكلِّمين بأن حججهم ضعيفة وعدم ويُعارضون المتصوِّفة ايضا. بأن طرقهم في النظر ليست طرقًا نظرية ويمكنك الاطلاع اكثر عن الاختلاف بين الفلاسفة والمتكلمين والمتصوفة
اذن يمكننا ان نصل أن الفلاسفة كانوا فريقًا من المفكِّرين الإسلاميين يختلفون عن علماء الكلام وعن المتصوفة.
رأي يرفض الفلسفة والإشتغال بها كليا
واخيرا رأي يرفض الفلسفة كليا او على الأقل بنسبة كبيرة
يرى هذا الرأي رغم أن الفلسفة في الأصل هي البحث عن الحكمة
وهي على حسب هذا المعنى أمر حسن. ولكن يري اصحاب هذا الرأي ان واقع الفلسفة وحقيقتها هو الخوض في علم الكلام، وتحكيم العقل في العقائد.
وان بعض الفلاسفة انحرف في هذه العقائد انحرافات خطيرة، حتى قالوا: بقدم العالم وعدم وجود اله لهذا الكون وبعض هذه الأفكار تأثرت بها الفلاسفة المسلمين كما يقول اصحاب هذا الرأي.
ويرى دليلا في مقولة ابن العربي المشهورة عن الغزالي : (شيخنا أبو حامد الغزالي ابتلع الفلاسفة فأراد أن يتقيأهم فما استطاع).
الخاتمة
وفي النهاية يجب ان نفرق بين علم الكلام والتصوف والفلسفة رغم امتزاجهم فترة من الزمن. ولا ايضا ان نقلل من استقلالية الفلسفة الإسلامية بحجة انها نقلت عن الفلسفات الأخرى.
مقالات ذات صلة
تعريف الفلسفة لغة واصطلاحا
خصائص التفكير الفلسفي