استراتيجية القبعات الست للتفكير وحل المشكلات ل ادوارد دي بونو من اهم وافضل الطرق في التفكير وفي تنمية مهارات التفكير .
إن التفكير مثل السفينة التي تحمل أصحابها إلى بر الأمان، وكذلك التفكير يجب أن يصل بصاحبه إلى بر الأمان وإلى هدفه الذي يسعى إليه.
إن الشخص الذي يقوم بعملية التفكير مثل قبطان السفينة يجب أن يعرف أولًا وجهة السفينة وحمولتها والمعلومات اللازمة عن التغيرات المناخية وسرعة الرياح وارتفاع الأمواج والعواصف الثلجية ولا يمكنه ترك سفينته بلا قيادة.
تعريف بإستراتيجية القبعات الست
إن الشخص الذي يقوم بعملية التفكير يجب أن يعرف الوجهة التي يريد أن يصل إليها، ولا يترك التحكم في عملية التفكير حتى لا يكون تفكيره سطحيًا أو عشوائيًا فلا يصل إلى نتيجة مثمرة. وإذا كان قائد السفينة لا يقود السفينة بنفس الطريقة التي بدأ بها منذ انطلاقها. بل هو يغير في نمط القيادة والسرعة ودوران السفينة واتجاهها ويرى سفينته من جميع المحاور والاتجاهات.
كذلك أيضًا الشخص الذي يقوم بعملية التفكير، فإنه يغير من نمط تفكيره داخل الموضوع والمسألة الواحدة. حتى لا ينظر إلى زاوية واحدة فقط ويغفل الزوايا الأخرى. ومن هنا كانت طريقة “القبعات الست Six Thinking Hats” في التفكير.
إن الشخص إذا نظر لموضوع ما من زاوية واحدة وحتى لو كرر هذه الرؤية 10 مرات، لن يصل إلى نتيجة مثل الذي يرى نفس الموضوع من عشر زوايا مختلفة. وهذه هي الفكرة التي تقوم عليها طريقة القبعات الست.
إن استعمال كلمة قبعة استعمال مجازي ورمزي فكل لون قبعة يرمز إلى نمط معين من التفكير. ويمكن استعمال هذه الطريقة في التفكير داخل الشركات والمؤسسات الاقتصادية وفي الاعلام وفي التعليم. ويمكن للبعض أن يستفيد منها أثناء التفكير الشخصي المنفرد. وهذا سبب عرضنا لها هنا في هذا الكتاب، فمن خلال عرض هذه الطريقة في التفكير وإلمام الشخص بكيفية سير هذه الطريقة سيتعلم أنماط التفكير المختلفة. وإن كانت هذه الطريقة تحمل في طياتها ستة أنماط فقط من التفكير حيث كل قبعة تمثل نمطًا محددًا في التفكير.
وحينما نقول القبعة الصفراء فنحن نقصد التفكير الإيجابي. وحينما نقول القبعة الخضراء فنحن نقصد التفكير الإبداعي، وهكذا مع جميع القبعات حتى لا يستثقل القارئ كلمة قبعة فهي إشارة ورمز لنمط تفكير معين).
صورة مبسطة لطريقة و استراتيجية القبعات الست:
ستكون هذه الطريقة قائمة أثناء نقاش موضوع معين داخل اجتماع، فيقوم قائد المجموعة أو كما يسمى بـ(قائد التفكير) بإدارة عملية النقاش (أو في الحقيقة عملية التفكير بطريقة القبعات الست) سيكون هذا الشخص مرتديًا القبعة الزرقاء (قائد التفكير). وأثناء النقاش إذا طلب ارتداء القبعة البيضاء من أعضاء المناقشة. فيكون تناوله للموضوع المطروح للمناقشة عبر التفكير الحيادي فقط. ثم بعدها إذا طلب منهم ارتداء القبعة الصفراء سيكون طرح الأفكار في المناقشة عبر التفكير الإيجابي فقط. وهكذا وسيتم عرض هذه الطريقة بالتفصيل وارتداء القبعات هو ضمني ومجازي.
ولو تحدثنا عن أمثلة الشركات والمؤسسات التي استخدمت هذه الطريقة في التفكير. سنذكر على سبيل المثال لا الحصر (شركة أبل للكمبيوتر) فقد جربت شركة أبل استخدام طريقة القبعات الست. فقد كانت اجتماعاتهم من قبل عشوائية، ثم وزعت على أعضاء الاجتماع نسخة من كتاب القبعات الست للدكتور دى بونو. ثم صارت اجتماعاتهم بعد ذلك منتجة وفعالة، وكذلك شركة (نيبون) اليابانية وحققت نجاحًا كبيرًا”
استراتيجية القبعات الست للتفكير وحل المشكلات
قد جعل الدكتور ادوارد دي بونو Edward de Bono أحد الرواد في علم التفكير وصاحب هذه الطريقة انواع القبعات كالتالى.
1-القبعة البيضاء (التفكير الحيادي):
اللون الأبيض “غياب الألوان يرمز إلى الحيادية والموضوعية حيث تغيب الآراء الشخصية والذاتية في التفكير “الأنا”. فهي تمثل البيانات والأرقام والحقائق والمعلومات، وهو ما يمكن وصفه بالتفكير الحيادي. إن دخول العاطفة والأنا في التفكير أثناء النقاش (وهذا ما لا يستطيع الكمبيوتر أن يفعله لأنه خالي من العاطفة). كما له من فائدة في إبراز الأفكار والحقائق الغير ظاهرة والغير واضحة. حيث سيسعى كل فرد لإثبات فكرته ووجهة نظره أثناء النقاش والجدال. إلا أن بداية النقاش بهذه الطريقة (دخول العاطفة) سيعمل على إضاعة الحقائق والمعلومات من خلال إعطاء أسباب “تفسيرات ” لها أو إعطاء نتائج لها “استنتاجات” وهذا يجعل المعلومات غير حيادية فتضيع معها الحقيقة.
هنا تكمن أهمية البدء بنمط التفكير الحيادي “القبعة البيضاء” في أول النقاش، ولذلك تشبه القبعة البيضاء طريقة عمل الكمبيوتر. وتشبه كذلك طريقه تفكير (اليابانين) الذين يعتمدون هذا النمط من التفكير في اجتماعاتهم. ولذلك هم لا يتجادلون فيما بينهم. وحينما نستغرب نحن ذلك عليهم (أنهم لا يتجادلون) يتعجبون هم بنفس الطريقة ويقولوا كيف أنتم تتجادلون وتتمسكون بالجدال؟
فمثلًا لو أن شخصًا يعرض معلومة عن الهواتف الذكية فيقول: ارتفاع زيادة شراء الهواتف المحموله إلى 250,000 جهاز هذا العام بسبب الزيادة السكانية. نلاحظ أن الشخص قام بإعطاء تفسير للمعلومة. وسواء كان ذلك صحيحًا أو خاطئًا لا يجوز أثناء التفكير بنمط “القبعة البيضاء” أي (التفكير الحيادي) إعطاء أية تفسيرات لأمور حادثة أو استنتاجات. لأنه سينقل الحوار إلى فكرة أخرى جانبية وهي (الزيادة السكانية). في حين أن السبب الحقيقي قد يكون هو دخول تكنولوجيا حديثة وسهلة الاستخدام على هذا النوع من الهواتف سبب في الإقبال عليه.
2- القبعة الحمراء (التفكير العاطفي) ل ادوارد دي بونو Edward de Bono:
يرمز اللون الأحمر إلى العواطف والمشاعر لذلك تستخدم مع التفكير العاطفي، فهي تمثل العواطف والحدس والمشاعر.
إن التفكير بالقبعة الحمراء سيكون (غير حيادي وغير موضوعي) لأنه سيعتمد على الحدس والعواطف. ولكنه في نفس الوقت سيقدم ميزة وهي أن الشخص ليس مطالب أثناء التفكير بهذا النمط بإعطاء مبررات لما يشعر به أو يراه. وبالتالي تسمح القبعة الحمراء من خلالها أن يقول الشخص شعوره حول موضوع النقاش دون حرج ومن خلالها يتم التعرف على مشاعر الآخرين في موضوع النقاش.
فيعبر الشخص عبر ارتداء القبعة الحمراء عن (حدسه ومشاعره) إذا كان يحب هذا الموضوع أو يكرهه أو يخشى من تنفيذه لمجرد شعوره بالخوف تجاهه. فوقت ارتداء القبعة الحمراء هو وقت التحدث بالعواطف والأحاسيس التي قد يخجل البعض من التحدث عنها خاصة في مثل هذه النقاشات.
ومن هنا يستطيع الشخص أن يعبر عن حدسه وإحساسه تجاه هذا الموضوع أو المسالة المطروحة للنقاش، دون مطالبة أن يبدى أسبابًا فهي مجرد مشاعر وأحاسيس تجاه هذا الموضوع. وفي نفس الوقت لولا إعطاء الفرصة كاملة عبر هذه القبعة (أو نمط التفكير العاطفي) ربما سيتحرج البعض من التعبير عن مشاعره وأحاسيسه تجاه هذا المشروع أو ذاك إذا كان يتحمس له أو يخشى منه أو يكره هذا النوع من المشاريع).
ولا ننكر دور العاطفة كما ذكرنا وإلا أصبح التعامل مثل التعامل مع الحاسوب خالي من الحدس والمشاعر التي تدعم وجهات النظر لكل شخص بما يراه من أفكار ومعلومات وحقائق.
3-القبعة السوداء (التفكير السلبي):
يرمز اللون الأسود إلى الحزن والسلبية وتمثل القبعة السوداء في التفكير (المنطق السلبي) فهي ترمز إلى المنطق والنقد والتشاؤم. وعبر استخدام هذه القبعة يتعرف الشخص على العيوب والنقائص الموجودة داخل مسألة ما أو موضوع معين ثم يتفاداها أو يعدل ويطور فيها. ووظيفة القبعة السوداء هي إظهار هذه العيوب وتفنيدها فقط. وليس البحث عن الحلول فهذا من وظائف قبعة أخرى هي القبعة الخضراء وهي المسؤولة عن الابتكار والإبداع والتفكير خارج الصندوق.
وإن استراتيجية القبعات الست للتفكير تظهر جليا في القبعة السوداء. حيث تعتبر القبعة السوداء الضابط وميزان التفكير حيث تري العيوب دون اتحياز لرأي عن آخر.
4-القبعة الصفراء (التفكير الإيجابي):
اللون الأصفر يرمز إلى لون الشمس والإشراق، فهو لون مشرق وإيجابي يمثل التفاؤل والأمل والإيجابية. إذن تمثل القبعة الصفراء التفكير الإيجابي والنظر إلى فوائد الأمور ومميزاتها فنرى الإيجابيات داخل الفكرة أو الموضوع. والقبعة الصفراء مقابلة للقبعة السوداء فإذا كانت السوداء تظهر السلبيات. فالصفراء تظهر الإيجابيات، فهي تعتمد على التقييم الإيجابي للموضوع بعيدًا عن التقييمات السلبية الأخرى. حتى وإن كانت السلبيات حقيقية وموجودة ولكن هذا ليس دورها ومكانها.
5-القبعة الخضراء (التفكير الإبداعي):
يرمز اللون الأخضر إلى العشب والنماء والخصب والنباتات التي تكبر يومًا بعد يوم. كذلك الأفكار تبدأ صغيرة مثل البذرة حتى تصبح شجرة عظيمة لها ثمارها وأوراقها وظلالها. فتكون القبعة الخضراء ممثلة (التفكير الإبداعي) لأنها رمز للإبداع والابتكار والأفكار الجديدة المستحدثة “خارج الصندوق”. فلا يكون الشخص أسير الأفكار القديمة والحالية داخل عقله. بل يعتمد البحث والتنقيب حتى الوصول إلى أفكار مبدعة ومبتكرة.
6-القبعة الزرقاء (التفكير الموجِه، قائد التفكير) ل ادوارد دي بونو Edward de Bono:
اللون الأزرق يرمز إلى السماء الزرقاء التي تعلو الأرض وتحيط بها. وهي تمثل (التفكير الموجِه) حيث التحكم في العمليات وضبط التفكير واتخاذ القرارات فمن خلال القبعة الزرقاء أو نمط التفكير الموجه. سيتم التحكم في التفكير نفسه وضبطه، ويتمكن من خلالها الانتقال من نمط معين في التفكير إلى نمط آخر، فالشخص الذي يرتديها هو قائد التفكير نفسه. وإذا وجد التفكير أخذ منحنى مغاير عن القصد منه أو طغى نمط على باقي الطرق الأخرى، تدخل قائد المجموعة فيمكنه إيقاف الجدل، وتحويل مسار التفكير في الاتجاه الصحيح، عبر اتباع خارطة التفكير. فلديه سلطة المقاطعة والمراجعة وذلك لفرض النظام أثناء عملية التفكير.
وإذا كان شخص واحد مخصص للقيام بدور القبعة الزرقاء “قائد التفكير” إلا أن أي شخص إذا رأى الحاجة. لذلك يمكنه أن يتبنى هذا الدور ويعلق على طريقة سير عملية المناقشة (التفكير) لإبراز نقطة معينة.
وصاحب هذه القبعة مسؤول عن تلخيص الآراء وتجميع النتائج النهائية وما تم الوصول إليه خلال عملية التفكير.
توضيحات وملاحظات عن استراتيجية القبعات الست للتفكير وحل المشكلات ل ادوارد دي بونو
إن التفكير السلبي الذي تقصده القبعة السوداء هو التفكير السلبي المبني على (المنطق) فيبرز العيوب والنقائص. وهذا المطلوب بعد ذكر المميزات عبر التفكير الإيجابي، القبعة الصفراء.
لذلك تأتي القبعة السوداء بعد القبعة الصفراء، لأحداث التوازن بين المميزات والعيوب فيصبح القرار سليمًا.
وهنا يجب أن نفرق بين التفكير السلبي القبعة السوداء (المبني على المنطق) وبين التفكير السلبي المبني على (العواطف فقط). وهو ما يمكن أن يسمى بالتفكير العاطفي.
إن التفكير العاطفي (السلبي) ليس مقبولًا لأنه سيعتمد على العواطف فقط دون دلائل وبراهين فيكون بعيدًا عن المنطق والنقد البناء والهادف. وهذا يجب الحذر منه لأنه سيرى التشاؤم في الأمر دون أسباب وجيهة. وإذا كانت توجد أسباب حقيقية بالفعل فهو لم يرها ولن يراها حتى يتفاداها أو يعدل فيها. وهذا هو التفكير السلبي، فهو تفكير عاطفي تشاؤمي فقط، يختلف كليًا عن نمط تفكير القبعة السوداء (النقد البناء) المبني على المنطق.