توجد عدة خصائص التفكير الفلسفي تميزه كثيرا وتجعله فريدا عن باقي انواع التفكير الاخرى بل لا نبالغ ان قلنا ان مصدر التفكير بصفة عامة هو التفكير الفلسفي.
خصائص التفكير الفلسفي:
يتميز التفكير الفلسفي بعدة مبادئ وخصائص سنذكر منها:
أولا:التأمل:
من اهم هذه الخصائص هو التأمل، فمن خلاله وعبر التعمق والنظر في مسألة أو فكرة معينة، تنشأ وتتبلور هذه الاطروحات الفلسفية في جميع القضايا.
فمن غير التأمل العميق, لن تطرأ هذ الافكار الجديدة على العقل, لينطق بها الفيلسوف ويبهر العالم بأرائه الفريدة.
لذلك يصبح التفكير الفلسفي نتيجة التأمل وليس محض الصدفة, كما يحدث في الاكتشفات والإختراعات العلمية احيانا.
ثانيا: من خصائص التفكير الفلسفي الدهشة:
يبدأ نشاط العقل لدى الإنسان في التفكير والبحث حينما يندهش، ولا يهدأ العقل حتى يجيب على الاسئلة مصدر تعجبه وذهوله واندهاشه، لذلك كانت الدهشة هي من اهم عوامل التفكير الفلسفي.
فمن خلال تفكير الشخص في امور تثير فكره وعقله يصل الى حقائق كانت غائبة عنه، وهذا ما كان يفعله الفيلسوف حتى تنكشف هذه المفاهيم و التساؤلات ويقدم إجابات منطقية للآخرين.
ثالثا:الاستقلال:
من خصائص التفكير الفلسفي أنه تفكيرٌ مستقل فلا توجد حدود للفيلسوف او لأفكاره بل يسبح بأفكاره وتأملاته حتى يشعر انه وصل لما يريد ويريح نفسه. وايضا كما لا توجد حدود فأيضا لا توجد حواجز تمنعه من التقصي وتقديم رأيه حتى لو كان مختلفا عن جميع الأفكار الاخرى.
فكما ذكرنا ان الفلسفة تبحث في جذور المعرفة نفسها، لذلك يمكن الاستنتاج والوصول الى إن التفكير الفلسفي ليس تابعاً لفكر آخر او لآراء الآخرين أو إجماعهم على أفكار معينة.
رابعا: من خصائص التفكير الفلسفي انه متجددا:
لا حدود ولا قيود لهذا التفكير فحينما يتوقف العقل ويصل يكون هنا التفكير الفلسفي، ليبدأ فيلسوف آخر ينطلق عقله ابعد مما وصل قبله، فينتج افكارا فلسفية اخرى.
وهكذا يكون التفكير الفلسفي متجددا ومتنوعا، ولذلك نجد انه نشأت العديد من المدارس الفلسفية المتنوعة من الشرق والغرب قديما وحديثا.
خامسا: من خصائص التفكير الفلسفي ما يتميز به عن االعلوم الطبيعية:
إن الفلسفة تختلف عن العلوم الطبيعية في عدة نواحي ونقاط سنذكر منها:
الفرق بين التفكير الفلسفي والتفكير العلمي:
- اولا: إن التفكير العلمي يتناول الأشياء حولنا في اجزائها على نقيض التفكير الفلسفي الذي يتناولها في مجموعها اي بصفة عامة.
- ثانيا من خصائص التفكير الفلسفي : أن العلوم الجزئية تتناول الكون حولنا من ناحية وصفه والتركيز على المعلومات والعناصر، أما الفلسفة تتناوله من ناحية معناه وما فيه من أسرار.
لذلك فإننا نجد ان الفلسفة دائما تسعى لإعطاء الأشياء قيمة وقدرا اكثر من التفكير العلمي المجردة. - ثالثا:ومن ناحية الظواهر الكونية نجد أن التفكير العلمي يسعى لتفسير هذه الظواهر. أما التفكير الفلسفي يسعى لما ابعد بكثير ألا وهو الوصول الى الحقائق التي تختفي وراء الظواهر وتكمن وراءها.
لذلك التفكير الفلسفي أعمق كثيرا من التفكير العلمي.
سادسا: تناول التفكير الفلسفي للموضوعات يختلف عن المعارف الاخرى:
بالفعل قد يشتغل التفكير الفلسفي بأي من الموضوعات التي تهتم بها العلوم الأخرى ولكن ما هو الفرق إذن بين دراسة الفلسفة لهذه الموضوعات ودراسة المنهج العلمي:
بداية فإن الفيلسوف ليس ملتزما بارجاع كل شيء الى الظواهر المحسوسة وبان يسير على المنهج التجريبي
كما انه يتنقل بين المناهج الأخرى حسب الحاجة لذلك، دون حرج مع امكانية الربط بينها.
فإن الفلسفة هي علم تأسيسي يبحث في الجذور ولا يعتني فقط بثمار العلم، كما يحدث في أغلب العلوم التي تهتم بالنتائج وتبني عليها، لذلك التفكير الفلسفي يغوص في اعماق اعماق هذه المفاهيم.
ولا تتوقف عن البحث وعن الاستمرار في الاسئلة على عكس العلوم الاخرى التي تتوقف عندما تصل الى ما تربو إليه من نتائج.
وبعد ان تعرفنا على خصائص التفكير الفلسفي دعونا نتعرف على بعض النقاط البسيطة في علم الفلسفة.
تعريف الفلسفة:
تعريف الفلسفة لغويا يأتي من الكلمة اليونانية، φιλοσοφία، philosophia، والتي تعني حرفيًا (حب الحكمة) حيث ان فيلو تعني: حُبّ، وسوفيا: تعني الحِكمة
وقد اختلف في تقديم مفهوم واحد للفلسفة ولكن يمكن وصفها بأنها هي دراسة الأسئلة العامة والأساسية عن الوجود والمعرفة والقيم والعقل والاستدلال واللغة.
ويرجع ظهرورها إلى ما قبل الميلاد واول من اطلق هذه التسمية فيثاغورس عالم الرياضيات الذي أطلق على نفسه لقب فيلسوف.
علاقة التفكير الفلسفي والإنسان:
إن الفلسفة هي النظر والتأمل فيما حول الإنسان من ظواهر وأحداث.
وان من خصائص التفكير الفلسفي أنه ليس جديدا على البشر فإن الإنسان منذ بدايته لا يخلو من الفكر و التحليل.
لذلك فإن الفلسفة هي ظاهره انسانيه ملازمة لوجود البشر.
وعلى هذه الحالة كل منا يتفلسف ولكن بدرجات متفاوتة، منها العميق والسطحي، سواء أردنا ذلك أو لم نرد. وهذا نابع من طبيعة العقل البشري، ألا وهو البحث والنظر والتحري .
فاذا اردنا منع الفلسفة، سنصبح كمن يريد أن يطلب من الإنسان أن يسير عكس طبيعته البشريه.
أهم العوامل التي تدفع الإنسان إلى التفلسف:
اولا: الدهشة:
يعتبر افلاطون أن عامل الدهشة أصل الفلسفة فحينما نرى الظواهر الكونية حولنا، نصاب بالدهشة من روعة واختلاف هذه الظواهر.
فهذه الدهشة والانبهار هي البداية لكي نتجه الى البحث والتقصي لدراسة العالم، وينشئ التفكير الفلسفي من هذه اللحظة.
وكما يقول ارسطو ايضا قولا شبيها بذلك (فحينما اندهش فمعنى ذلك أنني أشعر بجهلي، فانا ابحث عن المعرفة، ولكن لكي اعرف فحسب، لا لكي ارضي رغبة مألوفة )
عامل آخر من عوامل وخصائص التفلسف في حياتنا
ثانيا: الشك:
فبعد أن يحصل الشخص على المعرفة التي هدأت بسببها دهشته وتعجبه يبدأ شيئا آخر لا يقل حيوية وانفعال وحركة الا وهو الشك في هذه المعرفة نفسها.
ويحدث الشك عندما يقوم الشخص بفحص هذه المعرفة فحصا نقديا.
فإن الإنسان بطبيعته لا يخلو من النقد والتمحيص، ثم يظهر امامه ان بعض هذه المعارف الحسية التي توصل لها بالعلم، تخدع أحيانا وتنكشف امامه بعض التناقضات.
كما يكتشف أيضا أن جزءا كبيرا من هذه المعارف التي وصل إليها عبر التقليد ليس لها أساس متين.
وهنا يبدأ الشك في الثوران في النفس البشرية للوصول إلى معارف يقينية.
ويقول الإمام الغزالي عن الشك (إذ الشكوك هي الموصلة إلى الحقائق, فمن لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال)
إذن الدهشة تدفعنا إلى البحث في المعرفة والشك يدفع إلى البحث عن اليقين والتأكد من أساس هذه المعرفة.
ومن خلالهما يعيش الإنسان مستغرقا مستنفرا في التفكير والتأمل في هذا الكون الفسيح ودراسة ظواهره، بداية من الوجود، وقبل الوجود الى اللحظة التي يعيش فيها، وايضا ما يحدث أمامه من أمور لا يفهمها، مثل الموت والمرض والغرائز والظواهر الطبيعية الأخرى حوله.
لينتقل بعد ذلك ليس فقط الى كل ما يحدث حوله، بل يتطرق الى ذات الإنسان نفسه وهو لب الفكر الفلسفي البديهي.
ما هي الموضوعات التي يتناولها التفكير الفلسفي:
إذا كان كل علم يهتم بمبحث معين فمثلا علم الاجتماع يبحث ما يخص المجتمع الإنساني وعلم النفس يهتم بما يخص النفس البشرية، وهكذا الحال في باقي المناهج الاخرى.
إذن ما هو مجال الفكر الفلسفي؟
وما هي أهم خصائص التفكير الفلسفي من ناحية التخصص والمجال الذي تتناوله؟
اولا: علم المعرفة:
اذا كان من خصائص التفكير العلمي هو التوصل الى المعارف، فإن من خصائص الفلسفة انها تبحث وتمحص وتنقد وتفند هذه المعرفة نفسها.
ثانيا: علم القيم:
ان كل علم بشري يبحث فيما هو موجود وتثبته الطبيعة أما التفكير الفلسفي فإنه على العكس من ذلك، فمن خصائصه ان يبحث فيما ينبغي أن يكون.
لذلك فإن التفكير الفلسفي نجده دائما يبحث عن الأفضل، كما هي المدينة الفاضلة عند أفلاطون.
ثالثا: علم الإنسان:
إن الفلسفة تعتبر الإنسان أساس ومصدر كل شيء، لذلك نجدها تدرس كل شيء يتعلق به من قريب او بعيد. او بمعنى آخر تؤمن وتعتبر الإنسان هو موضوعها الأول الذي تقوم عليه معظم افكارها.
رابعا: اللغة:
من خصائص المناهج الفلسفية ايضا أن تعرض ما في اللغة وتفسره. حيث يقوم الفلاسفة بما لديهم من قدرات وفهم لتحليل العبارات والقضايا وتبسيط مفهومها، والغرض منها، وإزالة اللبس والغموض عنها.
مجالات التفكير الفلسفي :
يدور التفيكر الفلسفي حول نقطتين منهما
1- فلسفة الطبيعة:
وهي المرئيات والمظاهر التي تقع ونشعر ونراها بحواسنا مثل الظواهر الكونية.
2- فلسفة ما وراء الطبيعة:
وهو ما لا يمكن إدراكه بحواسنا وما يقودنا إلى الفضول من اجل معرفة واكتشاف هذه الأشياء.
وقبل ان ننهي المقال يجب ان نتناول علاقة التفكير الفلسفي والمنطق.
علاقة التفكير الفلسفي والمنطق:
من الصفات الاساسية لكل من المنطق والفلسفة انهما يهتمان بالفكر والمعرفة بصفة عامة من اجل الوصول الى الحقيقة وان كان لكل منهما طريقته الخاصة به.
كما أن البعض يعتبر المنطق جزءا من الفلسفة، حيث ان الفلسفة تعتمد عليه في طرح النظريات وتفنيدها.
كما يمكن باختصار تعريف المنطق بأنه مجموعة القواعد والمبادئ التي يستخدمها العقل بناء على المعلومات والمؤشرات المتاحة للحكم الصحيح على القضايا والمسائل المثارة فكريا وعقليا للوصول إلى نتائج صحيحة.
وأخيرا الفلاسفة في العالم:
بدأت الفلسفه الغربيه عند اليونانيين ومن أشهر فلاسفة اليونان قديما سقراط وأفلاطون وأرسطو.
الفلسفة الشرقية نشأت في بلاد العرب والهند القديمة والصين.
ومن أشهر الفلاسفة العرب وفي الإسلام ابن رشد ابن سينا والفارابي، الذين برعوا في المجال العلمي أيضا والطبي على حد سواء. مما كان له اكبر الاثر في تطوير العلوم الفلسفية في العالم كله وليس فقط في بلاد الإسلام، كما استفادت من فلسفة الشرق الإنسانية في كل مكان.
وفي الختام يمكننا ان نصل الى ان من اهم خصائص التفكير الفلسفي:
العمق والبحث في الجذور – الاستقلال – لا حدود للتفكير الفلسفي – لا قيود – التجدد – وجود مدارس مختلفة ومنتوعة لهذا الفكر الفلسفي، التفكير الفلسفي نتيجة التأمل وليس محض الصدفة
– البحث في أساس المعرفة – السعي الى الوصول الى الحقائق التي تختفي وراء الظواهر ومعرفة اسرارها.
خصائص التفكير الفلسفي pdf:
توجد عدة كتب تتناول هذا الموضوع باستفاضة مثل كتاب مدخل الى الفكر الفلسفي.
دراسة خصائص التفكير الفلسفي اولى ثانوي.
المصادر:
كتاب مدخل إلى الفكر الفلسفي من ترجمة الدكتور محمود حمدى زقزوق
كتاب قصة الفلسفة
مقالات ذات صلة
تعريف الفلسفة لغة واصطلاحا
أهمية التفكير
التفكير الايجابي
التفكير السلبي